الاثنين، أبريل 21، 2008

برية محلولة


هذه " بريّة محلولة" للرئيس الحالي القادم أو القادم الحالي
بادئ ذي بداء، بأي صفة تفضلون أن أخاطبكم.. جلالة ملك الجمهورية أم فخامة رئيس المملكة ؟ على كل، ريثما يكشف بوعلام بالسايح، هويتك في أفريل القادم ... بعد عام من الآن، اسمحوا لي أن أقول لكم جلالة الفخامة.
جلالة الفخامة
لقد قررت أن أوجه لكم خطابي هذا، لا لأطلب منكم إعادة شركة " سوجيديا" لتخلصني من أسعد ربراب الذي يبيع زيتا بسعر الذهب، لأنني أعلم مثلما تعلم بأنك تعلم أن ربراب " ما يقدرلو غير ربي " و لا لأتوسل إليكم كي توفروا لي و لباقي بني جلدتي في هذا البلد، بطاطا بعشرة دنانير للكيلو لأنني أدري مثلما أنت تدري بأنك تدري أن الأرض الجزائرية التي تثمر القنب الهندي و إخوته من الحشيش المدوّخ ، و تتقيأ بترولا و غازا لا يمكنها أن تثمر لا بطاطا و لا عدس و لا لوبيا و لا حمص و لا قمح . ثم ، من أين لي بكل هذه الوقاحة، كي أطلب منكم توفير البطاطا و أنا أعرف أنني جزائري أعيش في الجزائر و ليس تونسيا يعيش في تونس الخضراء. لا ..لا .... عيب ! .. سبحان الله .. لن أتجرأ أبدا على التفوّه بمثل هذه الحماقة.
لا أخاطبكم، كي تحقق لي و لأمثالي ممن بقوا مرغمين في هذا البلد، شعار " حرية، مساواة، أخوّة Liberté, Égalité, Fraternité ، لأنك تعرف بأنني أعرف بأن هذا شعار الجمهورية الفرنسية، و أنك لا أنت نابيليون بونابرت و لا شارل ديغول و لا شيراك و لا ساركوزي .. و لا أنا إنسان فرنسي .
لا أخاطبكم، كي أقول لكم بالله عليكم، ما أن تؤدون اليمين الدستورية و تتناولوا أول شربة فريك في قصر المرادية، حتى سارعوا إلى استبدال قضاة الجزائر المستقلين و الحمد لله بـ des juges و كفى. لأنني أدرك تماما كما تدرك أنك تدرك أيما إدراك أنك لست الملكة اليزبيت و لا أنا مواطن بريطاني.
لا أخاطبكم، كي أنصحكم بأن تحرصوا كل الحرص مستقبلا على حسن اختيار النساء و الرجال الذين تعينونهم هنا و هناك على رأس الوزارات و المؤسسات و شبه المؤسسات و الإدارات، لأنني تعرف بأنني أعرف أنك تتزود من ذات " شكارة " الرؤوس التي تزود منها من سبقوك .. و فاقد الشيء لا يعطيه.
لا أخاطبكم، كي أطلب منكم، صحافة حرة، لأنك تدري مسبقا بأنني على دراية كافية بأنني لا أعيش في موريتانيا..Quand même, il faut être raisonnable ! لنكن عاقلين، فالجزائر ليست موريتانيا !
لا أخاطبكم، كي أخبركم بأنه ما من أمل للجزائر في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ما لم تفتح الأبواب أمام الخواص الوطنيين و الأجانب - كما فتحتها أمام البنوك الأجنبية - ، كي ينشئوا قنوات تلفزيونية و محطات إذاعية . لا أخبركم بهذا و أنت " سيد العارفين"، ثم أنا أعرف بأنني لست في فلسطين المغتصبة، و لا في العراق المحتل و لا في لبنان الممزّق، كي أتحدث عن قنوات تلفزيونية و محطات إذاعية خاصة.
لا أخاطبكم، كي تجتهدوا كما اجتهدتم في اتجاه تعديل المادة (74) من الدستور، حتى تعدّلوا قانون الأسرة و تسقطوا منه تلك المادة التي تحرّم على الذكر الجزائري حقّه الربّاني في ثلاثة إناث أخريات، ما لم توافق زوجته الأولى على ذلك ( ! ) ... لا،لا .. لن أتفوّه أبدا بهذه البذاءة، فأنا أعلم بأنكم تعلمون، جلالة الفخامة بأنني لست في السعودية و لا في ماليزيا و لا في إندونيسيا. واه مولاي.. واه، أنا فقط جزائري مسلم يعيش في الجزائر التي يقرُّ دستورها بأن الإسلام هو دين الدولة.. واه سيدي.. واه ! ثم ، ما الذي يحتم علينا، تعدد الزوجات يا سيدي، فالغاشي يتزوج في كل لحظة و في كل غابة و ركن خال، من دون لا عقد و لا شهود، و ما ولد من أطفال لا أحد يعرف آباءهم و لا حتى أمهاتهم في بعض الأحيان، البركة في ولد عباس الذي يتكفل بهم. بالمناسبة، أنصحكم، جلالة الفخامة بالاحتفاظ بهذا الشخص.. انه ينتمي إلى سلالة بشرية نادرة.
لا أخاطبكم، كي تقرّوا في عهدتكم، جلالة الفخامة، زواج المتعة، فأنا أعلم كما أنت تعلم أنك لا أنت أحمدي نجاد و لا أنا أعيش في إيران. كما لا أخاطبكم، كي تدعموا سعر بيع " الفياغرا" .. لا يا خويا، فالعمر بدأ يتقدم بي، و لست أنت جلالة الفخامة، من سيضمن لي سريرا في مستشفى " عين النعجة ".
لا أخاطبكم، كي تبنون مزيدا من الشقق. لا..لا .. أبدا، لن أقول هذه السخافة، لأنك مقتنع، جلالة الفخامة بما أنا مقتنع به، و هو أن تلك الشقق سوف لن تجد من سيقيم بها لأن الغاشي فكر، قرر و خطط: الحرڤة أو الشنق. ففي هذا البلد الذي لا هو مملكة و لا هو إمارة و لا هو جمهورية، الغاشي لا هو ڤاوري و لا هو عربي، لا هو مسلم كما يجب و لا هو مسيحي كما قد يريد، لا هو رأسمالي و لا هو اشتراكي و لا هو ليبرالي ، لا هو استطاع أن يتزوج بواحدة و لا هو تمكن من أن يدبلي، لا هو عثر على شغل، و لا هو نجح في الهرب.
لا أخاطبكم، كي أطلب منكم إقرار إمكانية محاسبتكم، جلالة الفخامة، ثم محاكمتكم ثم معاقبتكم، لأنني أعرف بأنك لا أنت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حتى تقبل بأن تُحاسب و تُستجوب و تُحاكم، و لا أنا أنتمي إلى الشعب الذي أقام الثورة الفرنسية الشهيرة التي أطاحت بالملك. فما أنت إلا جلالة الفخامة، و ما أنا إلا واحد من 33 أو 34 مليون بشر لا همّ له في كل هذه الحياة الدنيا، عدا التحدث عبر " البورطابل"ن حتى أنني فكرت ذات مرة أن أتقدم لوزير الشؤون الدينية بوعلام غلام الله حفظه الله، باقتراح يقضي بتوزيع أموال صندوق الزكاة، على " المحتاجين" في شكل بطاقات تعبئة من نوع " ڤع " مثلا.
جلالة الفخامة
إنني أخاطبكم، فقط لأعبر لكم عن عميق حزني بمناسبة انتخابكم رئيسا لهذه الجمهورية، لأنني أعرف كما أنت تعرف بأنك سوف " ما ادّير والو"! و لأنني أعلم كما أنت تعلم بأنك لن تستطيع أن تصلح في الأمر شيئا إلا إذا ما جهزوك بتلك الآلة العجيبة التي اكتشفناها في فيلم la machine à explorer le temps ، بحيث سيكون بمقدورك بفضل تلك الآلة أن تعود بالزمن إلى 5 جويلية 1962. فتحفظوا قشابة الجبل، و تؤسسوا لدولة .. دولة.... دولة، و ليست " ميستة" . و تتأنوا قبل أن تطردوا الشركات الأجنبية و تفكروا جيدا قبل أن تجرّدوا الملاّك من أرضه بدعوى أنه " إقطاعي"، و ترقّوا الخمّاس إلى ملاّك لا ينتج لا قمح و لا شعير و لا نخّالة، و مع ذلك يتلقى في نهاية العام أرباحا من يد الرئيس شخصيا... وضعية لا يوجد مثيلا لها حتى في " بوكيمون". ها هي النتيجة، بن بلّة الذي كان رئيسا لهذا البلد وقتها، قال و هو لا يزال شابا صغيرا ، بأنه قرّر أن " يذوّب الشحمة" لأولئك الإقطاعيين، و بومدين الذي خلفه أراد أن " يربّي الشحمة" للذين لم يكن في أجسادهم لحكم، فإذا بالرجلين يذوّبان " عظم" شعب بأكمله... شعب لا يجد ما يكفيه من البطاطا، لأنه عاجز عن إنتاجها، و غير قادر على دفع ثمن ما يستورده منها .
بُعيد ( بُعيد أي مباشرة بعد ) الاستقلال، كان في الجزائر أشخاص مهذبون، متحضرون، أنيقون، يقرأون، يتذوقون، يهوون جمع الطوابع البريدية، يعزفون على القيثارة... كان الجزائريون يذهبون أزواجا إلى قاعات السينما ! و كانوا يشترون الحليب في زجاجات مغلقة و مشمّعة، لا في أكياس الزبّالة البلاستيكية السوداء و الصفراء و الزرقاء. كان في الجزائر رجال و نساء منضبطون و نزهاء ، فأزحناهم و دغعنا ببعضهم إلى الهرب، و قدنا البعض الآخر إلى السجون، و رمينا بما تبقى فرائسا للفقر، و استبدلناهم بالخمّاسة ... خمّاسة الفكر و الروح .. البو هيّوف، الأعراب الذين صنعنا منهم أثرياء و قادة . لأنهم فقط انتهازيون و الانتهازي منافق و المنافق سلبي و السلبي لا يقول " لا". نظام الحكم في الجزائر فضل التعامل مع هؤلاء .. مع " الخمّاسة" لأنهم لا يقولون " لا"، بدلا من الآخرين.. المتمدنين لأنهم يفكرون و لأن كل من يفكر، يقول " لا" عندما لا يقتنع. و النتيجة، ها هي ماثلة أمامنا و أمامك أنت جلالة الفخامة، الأرياف هجرها الخمّاسة ثم أحرق الإرهابيون ما تبقّى منها، و المدن تريّفت، و دمّر الإرهابيون ما بقي من أطلالها.
عن جزائر ما بعد الاستقلال، قال لي صديق ذات مرة:" في بلادنا كانت هناك قلّة من المساجد، و قليل من المصلّين، لكن كان هناك كثير من الأخلاق العالية beaucoup de morale mon ami il y’avait. بينما اليوم، توجد مساجد في كل مكان، و المصلّين لا يعدّون، لكن عندنا zéro morale". مثل ذلك، مثل ما حدث لي ذات يوم من شهر ديسمبر ، حينما نزلت في ساعة جد متأخرة من الليل البارد، بمدينة بروكسل عاصمة بلجيكا. كانت تلك أول مرة أزور فيها تلك المدينة الأوربية، و لم أفلح في معرفة الفندق الذي كنت سأقيم به، فانتهزت فرصة مرور أول شخص و سألته إن كان يعرف ذلك الفندق، فرافقني طيلة مسار لا تقل مسافته عن نصف كيلومترا تقريبا، إلى أن أوصلني إلى باب الفندق، ثم تمنى لي "ليلة سعيدة" و ذهب لحاله ... مع أن الرجل كان " خابط".. أعمى .. " ضاربها للترن "! بينما حدث لي أيضا ذات صيف منذ سنوات أن كنت بدمشق عاصمة سوريا، و سألت احدهم أن يدلّني على شارع معين، فلم يكلف نفسه أكثر من استعمال يده اليمنى ليقول لي اذهب من هنا، و عندما شكرته و هممت بالسير لحالي، قال لي : " ما بتعطيني مصاري" و مصاري يعني حلاوة يعني بقشيش ! .. نعم كان الرجل يطمع في أن يقبض مني " مصاري" لمجرد أنه استعمل يده اليمنى ليدلني على الطريق.. مع أنه كان يرتدي قميصا، و لحيته كانت تكاد أن تلامس ركبتيه !
في جزائر بُعيد الاستقلال، لم يكن الإنسان الجزائري، يبصق أمام الملأ ، في الشارع. جزائري اليوم، ينزل من سيارة لا يقل ثمنها عن نصف مليار، يرتدي بدلة لا تقل قيمتها عن عشرة ملايين، و يفعلها كبييييييرة أمام المارّة.
في جزائر، بُعيد الاستقلال، عندما كان الريف ريفا، و المدينة مدينة، لم يكن الجزائري، يخطف الأطفال و يغتصبهم و يقتلهم و ينكّل بأجاسادهم.
في جزائر، بُعيد الاستقلال، كانت الفتيات و النساء لا يعرفن الحجاب و لا يزلن يرتدين الفساتين و التنانير و يرتدن قاعات السينما و يدرسن في أقسام مختلطة، و لكنهن لم يكن يزنين تحت الجسور و يُنجبن سفاحا في المراحيض العمومية . لنترك كلمة الفصل للإحصائيات.
جلالة الفخامة
إنني أجدد لكم الحكم عليكم " و الله، والله... و والله ما ادّير والوا" ما لم، إما:
أولا: أن تحصل على تلك الآلة العجيبة التي تعيد بك إلى الوراء، فتصحح الأخطاء الفظيعة التي اقترفها سابقوك، و التي جعلتنا ما نحن عليه الآن. و هذا أمر متعذر البلوغ .. و هل يصلح العطّار ما أفسده الدّهر ؟ثانيا: أطلب منا عهدة مدتها 25 سنة.. ربع قرن ! نعم ربع قرن. و إذا كان الدستور، لا يسمح لك بذلك، فألغه، و لا تكتفي بتعديله. لكن في المقابل، أقضي على الجيل الفاسد الحالي بالتدريج ليحل محلّه جيل جديد كذلك الجيل الذي كان يعيش في الجزائر منذ 46 سنة. وحده، جيل من تلك الطّينة النبيلة قادر على يضمن للجزائر الاستمرار ... و يقيها من استعمار جديد، لأنني، جلالة الفخامة، لا أستطيع أن أتصوّر أن أقوياء العالم سيتركون هذا البلد الشاسع الجميل الغني بين أيدينا، و نحن على كل هذا القدر الفظيع من العجز و الفكر " الخمّاس" الانتهازي المنافق. لقد أردتمونا أن نكون هكذا. شعب لا ننتج و ننافق لننتفع ... و المهم هو ألا نقول لكم " لا". السلام عليكم.

هناك تعليق واحد:

el_mahmoum يقول...

السلام عليكم
أود أن ألفت أنتباهك أنت يا أخي العزيز "جمال الدين حريز" إن كنت غير مقيم بالجزائر ولا تعرف العقلية الجزائرية أو أنك مقيم بالجزائر ولكنك لم تخالط الجزائرين.فليكن في علمك يا أخي الكريم أن الشعب الجزائري من أعظم شعوب المعمورة و أنه أعظم و أعز من الفرنسين الدين تتمنى أن تنتمي إليهم.
فالجزائر التي قامت بها أعظم ثورة في التاريخ . ثورة كان بطلها شعب بأكمله.جزائر ولدت العربي بن مهيدي وأحمد بن بلة و محمد بوضياف و هواري بومدين و و و و و........... الدين هدموا أحلام بونابارت نابليون و مرغو أنف ديغول في التراب قادرة على أن تلد من يفعل أكثر مما فعل أسلافهم.
أما بالنسبة للنظام الجزائري فهو كما يقول المثل عندنا "خضرة فوق عشا" .فهم مجرد جماعات تنقد بعضها البعض و تؤيد نفسها بنفسها.فو الله لو أرادة الأمة الجزائرية أن تزيح هؤلاء لأزاحتهم بين عشية وضحاها. وفي الختام أرجو منك أخي جمال أن تعيد النظر في بعض مقالاتك و أن تقرء تاريخنا قبل أن تنقدنا. سلام